القائمة الرئيسية

الصفحات

اول سفير في الاسلام تعرفوا عليه وعلى قصته


اول سفير في الاسلام

اول سفير في الاسلام هو الصحابي الجليل مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، قصة هذا الصحابي الجليل تستحق أن نقف فيها وقفة تأمل وتدبر لنقتدي به وبأخلاقه وتضحياته في سبيل الله. مصعب بن عمير إنه الصحابي الكريم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- أو مصعب الخير، كان في صغره وقبل إسلامه شابًا جميلا مدللاً منعمًا، يلبس من الثياب أغلاها، يعرفه أهل مكة بعطره الذي يفوح منه دائمًا، لم يبخل عليه أبوه وأمه بأي شيء وكانا من أغنى أغنياء مكة.

مصعب بن عمير هو أول سفير في الإسلام أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض يثرب(المدينة المنورة) حتى يمهد الأمر لنشر رسالة الإسلام في هذا المكان. كان من أوائل الصحابة الذين أسلموا، حيث سمع مصعب ما سمعه أهل مكة من دعوة محمد "الأمين" فتحركت نفسه للقائه، وتاقت جوارحه أن يتعرف على هذا الدين الجديد، ولم يمض غير قليل حتى أسرع للقاء النبي في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وأعلن إسلامه بعد أن سمع آيات من قلب رسول الله "
صلى الله عليه وسلم" دخلت إلى فؤاده ولامست صدره.
 

وكانت أمه تتمتع بقوة شخصيتها، وكان مصعب يهابها، ولم يكن حين أسلم يخشى شيئًا قدر خشيته من أن يتسرب خبر إسلامه إلى أمه، فقرر أن يكتم إسلامه لأنه كان يخشى أمه "خناس بنت مالك" حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً، وأخذ  على دار الأرقم ويجلس مع النبي ليستمع إلى آيات الله وهو قرير العين بإيمانه. وما كان يخشاه سفير الإسلام من أن ينكشف أمره هو ما حدث فعيون قريش وآذانها على كل طريق. حيث أبصر به عثمان بن طلحة وهو يدخل خفية إلى دار "الأرقم"، ثم رآه مرة أخرى وهو يصلي كصلاة محمد، فذهب مسرعا إلى أمه وأخبرها بما رأى.

فطار صوابها، وغضبت عليه هي وقومها غضبًا شديدًا، لكن الفتى المؤمن وقف أمامهم يتلو عليهم الحق في يقين وثبات، لعل الله يشرح به قلوبهم. وهمت أمه بضربه لكن لم تستطع لرحمتها وأمومتها، لكن قررت أن تحبسه في داره ومنعت عنه الطعام ذات يوم، ورفضت أن يأكل طعامها من هجر آلهتها ولو كان ابنها، وأخرجته من دارها، وهي تقول له: اذهب لشأنك لم أعد لك أمًّا، ورغم كل هذا يقترب مصعب من أمه ويقول لها: يا أمه أني لك ناصح، وعليك شفوق، فاشهدي أنه لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله. فتجيبه غاضبة: قسمًا بالآلهة، لا أدخل في دينك، فيزري برأيي ويضعف عقلي.

هذا السفير قد سمع بخروج بعض المؤمنين مهاجرين إلى الحبشة فهاجر معهم، ثم عاد إلى مكة مع الذين عادوا إليها، فرآه قومه بعد رجوعه فرقت قلوبهم، وكفوا عن تعذيبه. وبعد بيعتي العقبة الأولى والثانية جاء إلى النبي  مع من آمن من الأنصار، وطلبوا منه أن يرسل معهم من يقرئهم القرآن ويعلمهم أمور دينهم، فاختار الرسول ( مصعبًا ليكون أول سفير في الإسلام له خارج مكة، وأول مهاجر إلى المدينة المنورة.

فترك مصعب مكة للمرة الثانية طاعة لله ولرسوله (، وحمل أمانة الدعوة إلى الله مستعينًا بما أنعم الله عليه من عقل راجح، وخلق كريم، وأعجب أهل المدينة بزهده وإخلاصه فدخلوا في دين الله، وكان مصعب يدعو الناس إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فأسلم على يديه سادة أهل المدينة، مثل: أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ.

وتمضي الأيام والأعوام، ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، وتغضب قريش، وتعد العدة لقتال المسلمين، ويلتقي جيش المسلمين والكفار في غزوة بدر، وينتصر المسلمون، وتجيء غزوة أحد، ويختار الرسول ( مصعبًا ليحمل اللواء. ونشبت معركة رهيبة واحتدم القتال، وكان النصر أول الأمر للمسلمين، ولكن سرعان ما تحول النصر إلى هزيمة لما خالف الرماة أمر رسول الله (، ونزلوا من فوق الجبل يجمعون الغنائم، وأخذ المشركون يقتلون المسلمين، وبدأت صفوف المسلمين تتمزق. وركز أعداء الإسلام على الرسول ( وأخذوا يتعقبونه، فأدرك مصعب هذا الخطر، وصاح مكبرًا، ومضى يجول ويصول، وهمه أن يلفت أنظار الأعداء إليه؛ ليشغلهم عن رسول الله (، وتجمع حوله الأعداء، فضرب أحدهم يده اليمنى فقطعها، فحمل مصعب اللواء بيده اليسرى، فضرب يده اليسرى فقطعها، فضم مصعب اللواء إلى صدره بعضديه، وهو يقول: وما محمد إلا رسول الله قد خلت من قبله الرسل، فضربه أعداء الله ضربة ثالثة فقتلوه، واستشهد مصعب.

وبعد انتهاء المعركة جاء رسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتفقدون أرض المعركة، ويودِّعون شهداءها، وعند جثمان مصعب سالت الدموع وفيرة غزيرة، ولم يجدوا شيئًا يكفنونه فيه إلا ثوبه القصير، إذا غطوا به رأسه انكشفت رجلاه، وإذا وضعوه على رجليه ظهرت رأسه، فقال النبي(غطوا رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر (نبات له رائحة طيبة)) [البخاري].

ومضى مصعب إلى رحاب الله سبحانه، وصدق فيه قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 32]، وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إلى شهداء أحد: (أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فوالذي نفسي بيده لا يسلِّم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه) [الحاكم والبيهقي].

هذه هي قصة اول سفير في الاسلام، فالسلام عليك يا مصعب... السلام عليكم معشر الشهداء...السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعليقات